الاثنين، 11 يوليو 2016

كَلِيلَة ودِمْنَة

كَلِيلَة ودِمْنَة هو كتاب يتضمّن مجموعة من القصص ، يعود لأصول هندية بإجماع العدد من الباحثيين ، وكتب باللغة السنسكريتية في القرن الرابع الميلادي وتذكر مقدمة الكتاب بأن الحكيم الهندي "بيدبا" قد ألّفه لملك الهند "دبشليم"، وقد استخدم المؤلف الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية فيه، وتتضمن القصص عدة مواضيع من أبرزها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بالإضافة إلى عدد من الحِكم والمواعظ . حينما علم كسرى فارس "أنوشيروان" بأمر الكتاب وما يحتويه من المواعظ ، أمر الطبيب "برزويه " بالذهاب إلى بلاد الهند ونسخ ما جاء في ذلك الكتاب .











يحتوي الكتاب على خمسة عشر باباً رئيسياً تضم العديد من القصص، حيث أن أبطالها من الحيوانات كالأسد الذي يلعب دور الملك، وخادمه الثور الذي يُدعى "شتربه"، بالإضافة إلى اثنين من ابن آوى وهما "كليلة" و"دمنة"  كما يتضمن أربعة أبواب أخرى جاءت في أولى صفحات الكتاب ،
وهي : باب مقدمة الكتاب، وباب بعثة برزويه إلى بلاد الهند، وباب عرض الكتاب ترجمة عبد الله بن المقفع، وباب بروزيه ترجمة بزرجمهر بن البختكان  وقد لعبت النسخة العربية من الكتاب دوراً رئيسياً مهماً في انتشاره ونقله إلى لغات العالم إما عن طريق النص العربي مباشرة أو عن طريق لغات وسيطة أُخِذت عن النص العربي.

أصل الكتاب :

اختلف البعض في أصل الكتاب، ولكن العديد من الباحثين أجمعوا على أنه يعود لأصول هندية، وتمت كتابته باللغة السنسكريتية في القرن الرابع الميلادي. كما يتناول الكتاب في مقدمته قصة بيدبا الفيلسوف مع ملكه الهندي دبشليم، والتي تقول بأن الإسكندر ذا القرنين الرومي اجتاح في غزواته بلاد الشرق، وكانت من ضمنها البلاد الهندية التي انتصر فيها على ملكها، وإثر ذلك قرّر أن يُعيّن على بلاد الهند أحد أتباعه ليواصل بعد ذلك اجتياحه للبلدان الأخرى، إلا أن أهل الهند لم يرضوا بذلك الحاكم الأجنبي، الأمر الذي دفعهم لخلعه واختيار شخص من بينهم وهو دبشليم ولكنه ما لبث حتى تبدّل من ملك عادل رحيم إلى طاغية، وهو ما دفع بالفيلسوف الحكيم بيدبا للذهاب إليه وتقديم النصح له، وبعد أن استمع الملك إلى كلامه غضب الملك دبشليم وأمر بقتل بيدبا وصلبه في بادئ الأمر قبل أن يُحجِم عن ذلك، والاكتفاء بحبسه. لاحقاً قام دبشليم الملك بإخراج بيدبا من السجن، وطلب منه إعادة كلامه عليه. وقام بيدبا بذلك وكان دبشليم يستمع متأثراً ووعده بأنه سيعمل بكلامه ثم أمر بفك قيوده وقد ولّاه الملك وزيراً عنده. هذا الأمر كان بداية وضع الكتاب حيث طلب بيدبا من الملك دبشليم أن يُدوّن الكتاب ويُحفظ
مع ان الباحثيين اجمعوا على أن أصل الكتاب هندي إلا أن هناك من شكّك  بأن أصل الكتاب عربي ، كون النسخة العربية هي النسخة القديمة الوحيدة الباقية من الكتاب مع ضياع النسخة الهندية والفارسية إن وجدت، ويرون بأن قصة مقدمة الكتاب وانتقاله من الهند إلى فارس والقصص التي رويت على ألسنة الحيوانات ما هي إلا من وحي خيال الكاتب عبد الله بن المقفع نفسه، ليبعد التهمة عنه كونه خاف على نفسه من الهلاك إنّ ابن المقفَّع هو الذي وضع كتاب "كليلة ودمنة"، وقيل : إنه لم يضعه وإنما كان باللغة الفارسية فعرّبه

اللغات المترجمة :

تمت ترجمته ونقله إلى اللغة العربية في القرن الهجري الثاني بالعصر العباسيعلى يد عبد الله بن المقفع متصرفاً فيه بأسلوبه عن الكتاب الأصلي ومن ثم تمت ترجمته إلى اللغة الفهلوية في أوائل القرن السادس الميلادي بأمر من كسرى الأول .
النسخة الفارسية
كانت أولى ترجمات الكتاب هي الفهلوية الفارسية في القرن السادس الميلادي بطلب من كسرى  
ترجمت عن النسخة الفارسية كلاً من النسخة السريانية سنة 570 م والنسخة العربية سنة  750, نُقلت ترجمة الكتاب إلى العربية في القرن الثاني الهجري الموافق للقرن الثامن الميلادي على يد عبد الله بن المقفع بعد أن اطلع على النسخة الفارسية منه .

الترجمات عن النسخة العربية

اعتمدت جميع اللغات تقريباً على النسخة العربية من كتاب كليلة ودمنة، إما عن طريق النص العربي مباشرة أو عن طريق لغات وسيطة أُخِذت عن النص العربي  حيث تُرجم إلى السريانية للمرة الثانية في القرن العاشر أو الحادي عشر الميلادي، وإلىاليونانية من قبل "سيمون سث" سنة  1080م، وقد أعيدت ترجمته إلى الفارسية الحديثة نظماً من قِبل الشاعر الرودكي ومن ثم نثراً بواسطة أبو المعالي نصر الله منشي في القرن السادس وإلى الإسبانية سنة  1252م. كما تُرجم الكتاب من العربية إلى العبرية من قِبل الحاخام يوئيل في القرن الثاني عشر الميلادي، ومن ثمّ ترجمت النسخة العبرية إلى اللاتينية من قبل يوحنا الكابوني تحت عنوان دليل الحياة البشرية (Directorium Humanae Vitae) وطُبعت سنة 1480 م، والتي أصحبت مصدراً لمعظم الإصدارات الأوروبية. طُبعت النسخة الألمانية من الكتاب التي تحمل عنوان كتاب الأمثال (Das Buch der Beispiele)  سنة  1483م، كما تُرجمت النسخة اللاتينية إلى الإيطالية بواسطة أنطون فرانشيسكو دوني سنة 1552 م، وأصبحت هذه النسخة الأساس لأول ترجمة إنجليزية، و في سنة  1570م قام توماس نورث بترجمتها من الإيطالية إلى الإنجليزية الإليزابيثية تحت عنوان خرافات بيدبا وقد أعيدت طباعة النسخة من قبل جوزيف جاكوبس سنة 1888م , ثم بدأ أنطوان غالانالذي بترجمة كتاب كليلة ودمنة عن أصل تركي من ترجمة «علي شلبي» إلا أنه لم يكمل منه سوى أول أربعة أبواب، وقد أتم الترجمة كاردن سنة 1788 م تحت عنوان الأمثال والقصص الحيوانية الهندية المنقولة عن بيدبا ولقمان مترجمة عن كتاب علي شلبي بن صالح الكاتب التركي .

مقتطفات من الكتاب

  • -          لا شئ أخف و أسرع تقلبا من القلب .
  • -          لدُّنيا كالماء الملح الذي لا يزداد شاربه شربًا، إلا ازداد عطشًا
  • -          إن الإرتفاع الى المنزلة الشريفة شديد، والانحطاط منها هين، كالحجر الثقيل: رفعه من الأرض إلى العاتق عسر،ووضعه على الأرض هين
  • -          أنا إذا تكلمت بالكلمة ملكتني وإذا لم أتكلم بها ملكتها
  • -          لا غِنى كالرِّضا
  • -          وهل أحدٌ أقرب إلى الإنسان من نفسه
  • -          و الكريم تنسيه الخلة الواحدة من الإحسان, الخلال الكثيرة من الإساءة
  • -          قد قيل فى أمور من كن فيه لم يستقم له عمل منها التوانى ، و منها تضيع الفرص و منها التصديق لكل مخبر
  • -          الألسن لا تصدقُ في خبرها عن القلوب، والقلب أعدلُ شهادةً على اللسان من اللسان على القلب.















0 التعليقات:

إرسال تعليق